للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فلما استوفى الشيخ الكلام [١٥١] ، بكى بكاء شديدا، وقال: أيّها الأمير قد والله زدت على أملي بطبقات، وأوفيت على غناي بدرجات، وقضيت حقّي، وما هو أعظم من حقّي، وما أحسن أن أشكرك، ولكن الله يتولى عنّي شكرك، ومجازاتك، فتمنّ عليّ بتقبيل يدك، فإنّه أفضل من كلّ عطيّة.

فأذن له في ذلك، فدنا الشيخ، فقبّل يده دفعات، فجذبه إليه سيف الدولة، وشاوره «١» بشيء، فضحك الشيخ وقال: إي والله، إي والله، أيّها الأمير.

قال: فاستدعى خادم حرمه، وسارّه بشيء.

وانصرف الشيخ إلى الدار التي أخليت له، وقال له: أقم فيها، إلى أن أنظر في أمرك، وتخرج إلى عيالك.

قال: فسألت عما سارّه خادم حرمه، فقال: أخرج إليه جارية من وصائف أخته، في نهاية الحسن، بثياب، وزيّ، تزيد قيمتها على عشرة آلاف درهم. فحملت إليه.

قال: فقمت قائما، وقلت: والله، أيّها الأمير، ما سمع بهذا الفعل، عن البرامكة ولا غيرها.

فقال: دعني من هذا، ما معنى [١٥٢] قولك لأبي إسحاق بن شهرام، لا تورد عليه هذا، عقيب اليأس، فتنشقّ مرارته؟

فقلت: كنت منذ ساعة، عند أبي محمد الصلحيّ، وأبي الحسن «٢» المغربيّ، فجرى كذا وكذا، وقصصت عليه القصّة، وانصرف هذا الشيخ، أخزى منصرف، ثم جاء بنفسه، فعامله مولانا، بمثل هذا الفعل العظيم، فخفت [أن] يعرّفه فجأة، فتنشق مرارته.

فقال: هاتم الساعة، الصلحيّ، والمغربيّ، فجاء أحدهما قبل الآخر،