للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحدة إلى الكرديّ، كما يلاطف الرؤساء مواكليهم [١٧٤] ، فأخذها الكرديّ، وجعل يضحك.

فتعجّب الراسبيّ من ذلك، وقال: ما سبب هذا الضحك؟ وما نرى ما يوجبه.

فقال: خبر كان لي.

فقال: أخبرني به.

فقال: شيء طريف، ذكرته، لمّا رأيت هذه الحجلة.

قال: ما هو؟

فقال: كنت أيّام قطعي الطريق، وقد اجتزت في بعض المحجّة.

الفلانيّة، في الجبل الفلاني، وأنا وحدي، في طلب من آخذ ثيابه، حتى استقبلني رجل وحده، فاعترضته، وصحت عليه، فاستسلم إليّ، ووقف، فأخذت ما كان معه، وطالبته أن يتعرّى، ففعل، ومضى لينصرف.

فخفت أن يلقاه في الطريق، من يستنفره على طلبي، فأطلب، وأنا وحدي، فأؤخذ، فقبضت عليه، وعلوته بالسيف، لأقتله.

فقال: يا هذا، أيّ شيء بيني وبينك، قد أخذت ثيابي، وعرّيتني، ولا فائدة لك في قتلي.

فكتّفته، ولم ألتفت إلى قوله، وأقبلت أقنّعه «١» بالسيف.

فتلفّت، كأنّه يطلب شيئا، فرأى حجلة قائمة، وهي على الجبل، فقال: يا حجلة، اشهدي لي [١٧٥] عند الله تعالى أنّي أقتل مظلوما.

فما زلت أضربه، حتى قتلته، وسرت، فما ذكرت هذا الحديث، حتى رأيت هذه الحجلة، فذكرت حماقة ذلك الرجل، فضحكت.