العتمة، أتفرّج [١٨٢] في القمر، فنزل خادم من دار لا أعرفها.
فصاح: يا ملّاح؟
فقدّمت «١» .
فسلّم إليّ امرأة، نظيفة، حسنة، ومعها صبيّتان، وأعطاني دراهم صحاحا، وقال: احمل هؤلاء إلى المشرعة الفلانية، بباب الشمّاسية.
فصعدت بهم قطعة من الطريق، فكشفت المرأة وجهها، فإذا هي من أحسن الناس وجها، كالقمر، فاشتهيتها، فعلّقت مجاذيفي في الكرك «٢» ، وأخرجت السفينة إلى وسط دجلة، وتقدّمت إلى المرأة، فراودتها عن نفسها، فأخذت تصيح.
فقلت لها: والله، لئن صحت، لأغرقنّك الساعة.
فسكتت، وأخذت تمانعني عن نفسها، واجتهدت بأن أقدر عليها، فما قدرت.
فقلت لها: من هاتان الصبيتان منك؟
فقالت: بناتي.
فقلت لها: أيّما أحب إليك، تمكّنيني من نفسك، أو أغرق هذه؟
وقبضت على واحدة منهن.
فقالت: أمّا أنا، فلا أطيعك، اعمل ما شئت.
فرميت إحدى الصبيّتين في الماء، فصاحت، فضربت فاها، وصحت معها: والله لا أطلّقك ولو قتلتني، ليشتبه ذلك، على من عساه [١٨٣] يسمع الصياح في الليل.