فسكتت، وأخذت تبكي، ثم تركتها ساعة، وقلت لها: دعيي أفعل بك وإلّا غرّقت الأخرى.
فقالت: والله، لا فعلت.
فأخذت الصّبية الأخرى، فرميت بها في الماء، فصاحت، وصحت معها، ثم قلت لها: ما بقي الآن إلا قتلك، فدعيني، وإلّا قتلتك، وأخذت بيدها، وشلتها لأرمي بها إلى الماء.
فقالت: أدعك.
فرددتها إلى السماريّة، فمكّنتني من نفسها، فوطئتها.
وسرت، لأمضي بها إلى المشرعة، فقلت في نفسي: هذه الساعة تصعد إلى دارها، أو إلى الموضع الذي تأوي إليه، فتنذر بي، فأؤخذ، وأقتل، وليس الوجه إلّا تغريقها، فجمعت يديها، ورجليها، ورميت بها إلى الماء.
فحين غرقت، فكّرت فيما ارتكبته، وعظم ما جنيته، فندمت، وكنت كرجل كان سكرانا، فأفاق.
فقلت: أيّ شيء أعمل؟ ليس إلّا أن أنحدر إلى البصرة، وأغوص في أنهارها، فلا أعرف.
فانحدرت، فلما صرت حذاء الجسر، أخذتني بطني، وقلت: أصعد، وأتفسّح [١٨٤] ، وأعود إلى سماريّتي.
فصعدت، فأنا جالس أتغوّط، فما أحسست حتى قبض هؤلاء عليّ.
قال: فقال له الأبزاعجي، مطايبا: يا هذا، أيّ معاملة بين مثلك وبيني، انصرف بسلام.
فظنّ لجهله، أنّ ذلك حقيقة، فولّى لينصرف.
فصاح به، وقال: يا فتى، هوذا تنصرف، وتدعنا من حقّا «١» ؟ فلا