فقلت: الذبح قد فاتك، ولكنّك تتمكّنين من جراحات توقعينها بي، ولا تأمنين أن أفلت فأذبحك، أو أهرب وأكشف هذا عليك، ثم أسلمك إلى السلطان، فيكشف جنايتك الأولى [٢٠٨] ، والثانية، ويتبرّأ منك أهلك، وتقتلين.
فقالت: افعل ما شئت، فلا بدّ من ذبحك، وقد استوحش كل منّا من صاحبه.
فنظرت، وإذا الخلاص منها يبعد عليّ، ولا آمن أن تجرح موضعا من بدني، فيكون فيه تلفي، فقلت: الحيلة أعمل فيها.
فقلت: أو غير هذا.
فقالت: قل.
فقلت: أطلّقك الساعة، وتفرجين عني، وأخرج من البلد، فلا تريني، ولا أراك أبدا، ولا ينكشف لك حديث في بلدك، ولا فضيحة، وتتزوّجين من شئت، فقد شاع عند الناس، أنّ يدك قطعت لخراج خبثها، وتربحين الستر.
فقالت: تحلف أنّك لا تقيم في البلد، ولا تفضحني فيه أبدا؟
قال: فحلفت بالأيمان المغلظة.
فقامت عن صدري، تعدو، خوفا من أن أقبض عليها، حتى رمت الموسى بحيث لا أدري، وعادت، فأخذت تظهر بأنّ الذي فعلته، مزاح، وتلاعبني.
فقلت: إليك عنّي، فقد حرمت عليّ، ولا تحلّ لي ملامستك، وفي غد، أخرج عنك.
فقالت: الآن علمت صدقك، وو الله، لو لم تفعل [٢٠٩] ، لما نجوت من يدي.