فقال لها القاضي: هذا صاحبك الذي قطع يدك، فكادت أن تتلف جزعا.
ثم قال: يا فتى، من أين أنت؟
فقلت: رجل من أهل العراق.
قال: ففيم وردت؟
قلت: أطلب الرزق.
فقال: قد جاءك حلالا، هنيئا، نحن قوم مياسير، ولله علينا ستر، فلا تهتكه، والله، ما علمت هذا من حال ابنتي، فهل لك أن تتزوّجها، وأغنيك بمالي عن الناس، وتكون معنا، وفي دارنا؟
قلت: نعم فرفع الطعام، وخرجنا إلى المسجد والناس مجتمعون، ينتظرونه.
فخطب، وزوّجني، وقام رجع، فأدخلني إلى [٢٠٧] الدار.
ووقع حبّ الصبيّة في نفسي، حتى كدت أموت عشقا لها، وافترعتها، وأقامت معي شهورا، وهي نافرة عنّي، وأنا أونّسها، وأبكي حسرة على يدها، وأعتذر إليها، وهي تظهر قبول عذري، وأنّ الذي بها غمّا على يدها.
إلى أن نمت ليلة، وانبسطت في نومي، على رسمي، فأحسست بثقل على صدري شديد، فانتبهت جزعا، فإذا بها باركة على صدري، وركبتها على يدي، مستوثقة، وفي يدها موسى، وقد أهوت لتذبحني، فاضطربت ورمت الخلاص فتعذّر، وخشيت أن تبادرني، فسكنت.
فقلت لها: كلّميني، واعملي ما شئت، ما الذي يدعوك إلى هذا؟
قالت: أتظنّ أنّك قطعت يدي، وهتكتني، وتزوّجت بي، وتنجو سالما؟ والله لا كان هذا.