إلى هذه الجارية، فاشترت لي جلد ماعز غير محلوق الشعر، واستعملت لي كفّين من حديد، وكنت إذا نمتم، أفتح الباب، وآمرها أن تنام في الدهليز ولا تغلق الباب، وألبس الجلد، والكفّين الحديد، وأمشي على أربع، فلا يشكّ من لعلّه يراني من سطح أو غيره، أنّي كلب.
ثم أخرج إلى المقبرة، وقد عرفت من النهار [٢٠٥] ، خبر من يموت من الجلّة، وأين قد دفن، فأقصد قبره، فأنبشه، وآخذ الأكفان، فأدخلها في الجلد، وأمشي مشيتي، وأعود والباب غير مغلق، فأدخل، وأغلقه، وأنزع تلك الآلة، وأدفعها إلى الجارية، مع ما قد أخذته، فتخبئه في بيت لا تعلمون به، وقد اجتمع ثلاثمائة كفن، أو ما يقاربها، لا أدري ما أصنع بها، إلّا أنّي كنت أجد لذلك الخروج، والفعل، لذّة لا سبب لها، أكثر من أن أصابتني بهذه المحنة.
فلما كان الليلة، تسلّط عليّ رجل، أحسّ بي، وكان كأنّه جالس، أو حارس لذلك القبر، فحين بدأت أنبشه، جاءني، فقمت لأضرب وجهه بكفّي الحديد، فأشغله بها عنّي، وأعدو، وأنجو، فداخلني بالسيف، فضربني، فتلقّيت الضربة بشمالي، فأبان كفّي.
فقلت لها: أظهري أنّه قد خرجت على كفك خراج، وتعاللي، فإن الذي بك من صفار، يصدّق قولك، حتى إذا مضت أيّام، قلنا لأبيك، لا بد أن تقطع يدك، وإلّا خبث جميع [٢٠٦] بدنك، فتلفت، فيأذن لنا في قطعها، فنوهم أنّا قطعناها [من] جديد، وينستر أمرك.
فعملنا على هذا، بعد أن استتبتها، فتابت، وحلفت بالله، لا عادت.
وكنت على بيع هذه الجارية، وأراعي فيما بعد مبيت هذه الصبيّة، وأبيّتها جانبي، ففضحتني أنت، وفضحت نفسك.