للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان في اليوم الرابع، وقف على دابّته في باب العامّة، متحيّرا، لا يدري، ينتظر أن يخرج الوزير راكبا، فيركب معه في الموكب، فيتفقّد الوجوه، إذ كان لم يبق له شيء يجده، وإذا هو برجل شاب يحبو على ركبتيه زمانة، كما يكون الزّمن الذي يتصدّق، وقد جاء قبل طلوع الشمس بشيء كثير، فزحف، ودخل على البوّابين، فلم يمنعوه.

قال الرجل: فحين بلغ العتبة، وقف مع البوّابين، يحدّثهم ساعة، وأنا أصغي إليه، ويسألهم عن أخبارهم، ويدعو لهم، وهم على بشاشة، إلى أن أخذ بهم في غير ذلك الحديث [٢٤٣] .

إلى أن قال: من بكّر اليوم إلى الدواوين، ومن دخل؟ ومن حجب؟

فقالوا له: فلان وفلان.

فحين سمعت ذلك، علمت أنّه صاحب خبر «١» ، فأتبعته بصري، إلى أن جاز البوّابين، ودخلت وراءه، فبلغ إلى أصحاب الستور، فكانت صورته معهم كصورته مع أولئك، فأخبروه بما لم أكن أعلم، مع اختصاصي بخدمة الوزير، من وصول الناس إليه، وحجبهم عنه.

وتجاوز إلى دهليز العامّة، فنزلت عن دابّتي، وهو لا يفطن لي، فبلغ إلى موضع الحجّاب، فولع به الحجّاب، ولم يحدّثهم بشيء ولم يحدّثوه، ودعا لهم، وتصدّق منهم، فأعطوه.