للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتجاوزهم إلى الصحن، وأنا أراه، فلم يزل يحبو، ويطوف، على خزانة، خزانة، من خزائن الفرش، والشرب، والكسوة، وحجر الغلمان، والخدم، ويبحث عن الأخبار، ويحدّث بكل شيء، وأنا أسمع، حتى استفدت ما لم أكن أعرفه من تخبّر دار الوزير.

ثم جاء إلى باب الحرم، فدعا للخادم الموكّل بالباب، فتصدّق عليه، وأعطاه، وجلس هناك يتطايب، وكلّ من دخل [٢٤٤] وخرج، من جارية، أو خادم، يسأله عن خبره، ويولع به، ويهب له شيئا، ويستخرجهم أخبار الدار، وينقل ما فيه، ويقول: قولوا لستّنا فلانة تهب لي ما وعدتني به، وقولوا لستي فلانة، تتصدّق عليّ، وسلوا ستّي القهرمانة الفلانية عن خبرها، وأقرؤوها سلامي، وأنا أشاهده، وأتعجّب منه، حتى استنفذ من أخبار جواري القاسم، ومبيته، وعند من بات منهم البارحة، وما بين الجواري من السرور والأنس، وأخبار كسوتهم، وأشياء من هذا الجنس، كلّ شيء طريف.

ثم زحف، ودخل دار الخلوة التي يخلو فيها الوزير، وكان يركب منها، فهشّ به فرّاشو الحجرة، والخاصة، والخدم، والغلمان الأصاغر، وضاحكوه، ودعا لهم، وأخذ من بعضهم برّا، وسألهم عن خبر الوزير في خلوته تلك، وشربه.

وقال له بعضهم: هو مغموم غمّا شديدا منذ يومين، لا نعرف سببه، فما يشرب، ولا يأكل، ولا نام، ولا خلا.

وكلّ ذلك، وهو يظهر في مسائلته التطايب [٢٤٥] ، وأنّه كالمتغيّر المعتوه، ويحمل أولئك ألفاظه على هذا، فيخبره منهم الضعيف العقل، والمزّاح، والأخرق، وهو يحتمله، إلى أن فرغ من أهل حجرة الخلوة.

ثم خرج، فزحف أشدّ زحف، على هيأته، لا يعرّج على شيء، حتى