للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما تبيّنت صورته ارتعت منه، وقلت: يا جواري، من هذا الهاجم علينا؟ فتساعين إليه، فزبرهنّ، وقال: أنا عليّ بن أبي طالب.

فنهضت إليه، وقبّلت الأرض بين يديه، فقال: لا. لا.

وقلت: قد ترى يا مولاي ما أنا فيه، فادع الله لي بأن يكشفه، ويهب لي ذكرا سويا محظوظا فقال: يا فلانة، وسمّاني باسمي- وكذا كنى الملك عضد الدولة عن الاسم- قد فرغ الله ممّا ذكرت، وستلدين ذكرا، سويا، نجيبا، ذكيا، عاقلا، فاضلا، جليل القدر، سائر الذكر، عظيم الصولة، شديد السطوة، يملك بلاد فارس وكرمان، والبحر وعمان، والعراق والجزيرة، إلى حلب، ويسوس الناس كافّة، ويقودهم إلى طاعته بالرغبة والرهبة، ويجمع الأعمال الكثيرة، ويقهر الأعداء، ويقول بجميع ما أنا فيه- يقول الملك ذاك- ويعيش كذا وكذا سنة، لعمر طويل، أرجو بلوغه- ولم يبيّن الملك قدره- ويملك ولده من بعده، فيكون حالهم كذا وكذا لشيء طويل، هذه حكاية لفظه.

قال الملك عضد الدولة: وكلّما ذكرت هذا المنام، وتأمّلت أمري، وجدته موافقا له حرفا بحرف.

ومضت على ذلك السنون، ودعاني عمّي عماد الدولة إلى فارس، واستخلفني عليها، وصرت رجلا، وماتت أمّي.

واعتللت علّة صعبة، أيست فيها من نفسي، وأيس الطبيب مني، وكانت سنتي المتحوّلة فيها، سنة رديئة الدلائل، موحشة الشواهد، وبلغت إلى حدّ أمرت فيه، بأن يحجب الناس عنّي، حتى الطبيب، لضجري بهم، وتبرّمي بأمورهم، وما أحتاج إلى شرحه لهم، ولا يصل إليّ إلّا حاجب النوبة.