للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجدّه، وأنّه مظلوم منذ قتل أبوه، مهضوم، مقصود، مضغوط، فكيف يجوز أن نسلّم إليه نفوسنا، فتحرس، فضلا عن أموالنا؟

فقال العباس: صدقت والله، يا أبا الحسن، فمن يقلّد، وليس هاهنا أحد؟

قال: تقلّد جعفر»

بن المعتضد «٢» ، فإنّه صبي، لا يدري أين هو، وعامّة سروره، أن يصرف من المكتب، فكيف أن يجعل خليفة، ويملك الأعمال والأموال، وتدبير النواحي، والرجال، ويكون الخليفة بالاسم، وأنت هو على الحقيقة، وإلى أن يكبر، قد انغرست محبّتك في صدره، وحصلت محصل المعتضد في نفسه.

قال: فكيف يجوز أن يبايع الناس صبيّا، أو يقيموه إماما؟

فقال له: أما الجواز فمتى اعتقدت أنت، أو نحن، إمامة البالغين من هؤلاء القوم؟ وأما إجابة الناس، فمتى فعل السلطان شيئا فعورض فيه، أو أراد أمرا فوقف؟ وأكثر من ترى صنائع المعتضد، وإذا أظهرت أنّك اعتمدت في ذلك مراعاة حقه، وإقرار الأمر في ولده، وفرّقت المال، وأطلقت البيعة، وقع الرضا، وسقط الخلاف، وطريق ما تريده، أن تواقف بعض أكابر القوّاد، وعقلاء الخدم، على المضي إلى دار ابن طاهر «٣» وحمله- يعني جعفر بن المعتضد- إلى دار الخلافة، وأن تستر الأمر إلى أن يتمّ التدبير، وإن اعتاص معتاص، مدّ بالعطاء والإحسان.