للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متقدّم عنها ولا متأخّر، وقد قيل: من غالب الأقدار غلب، ولكن، أيها الشيخ، لي حاجة أحبّ أن تبلغها الملك عنّي، وهي كلمة فيها نصيحة، وشفاء لما في الصدور.

فقال أبو بكر، قل: فإنّي أبلغها الملك.

فقال: تقول له: أنا صائر إلى ما أمرت، ومتوجّه إلى البصرة، لامتثال ما رسمت، ولكن بعد أن تقضي وطرا في نفسي، وفيه شهرة لعظمتك، وتنبيه على أنّك لا تنخدع في ملكك، ولا يلتبس لديك محقّ بمبطل، وعاقل بجاهل، ومسيء بمحسن، ويقظان بغافل، وجواد بباخل، وهو أن يتقدّم، بأن يقام عبد العزيز المكنى بأبي القاسم، بين اثنين على رؤوس الأشهاد، وينتقم منه انتقاما بالغا، ويقال له: إذا لم تبذل جاهك لمتلهّف، ولم يكن عندك برّ لضعيف، ولا فرج لمكروب، ولا عطاء لسائل، ولا جائزة لشاعر، ولا مرعى لمنتجع، ولا مأوى لضيف، ولا ذبّ عن عرض مخدومك، ولا استجلاب ثمار الألسنة بالأدعية والمحامد لدولة أوجدتك، ولا لك من العقل ما تميّز به بين ما يكسب حمدا أو ذمّا، فلم ألزمت نفسك أن يخاطبوك بسيدنا، وتمدّ يدك ليقبّلها الداخلون، ويقوم لك عظماء المملكة، عند طلوعك عليهم؟.

ثم إنّ أبا محمد قام وركب، وعاد.

قال أبو بكر بن شاهويه: فعدت، وقد سبقني الذي كان معي مشرفا، وذكر ذلك للملك عضد الدولة، فلما حضرت عنده، وأبو القاسم بين يديه، سكتّ.

فقال لي: هات الجواب الذي ذكره أبو محمد.

فاستحييت من أبي القاسم، أن أذكره، فقلت: سمعه الملك من المشرف الذي أنفذه معي.