هذا، هذا الأمر العظيم، ولكن في دارنا عجوز لها نحو تسعين سنة، هي دايتها، وما شطتها، فإن نشطت، صرت معي، فسألناها، فلعلّها تخبرنا بما يوجب هذا، فنجتنبه.
فقمت معه، فقصدنا الدار التي كانت للمتوفاة، فأدخلني إلى غرفة فيها، وإذا بعجوز فانية، فخاطبها بما جرى، وقصصت أنا عليها الرؤيا.
فقالت: اسأل الله أن يغفر لها، كانت مسرفة على نفسها جدّا.
فقال لها الفتى: يا أمّي، بأكثر من الشراب، والسماع، والنساء؟
فقالت نعم يا بنيّ، ولولا أن أسوءك لأخبرتك بما أعلم، فإنّ هذا الذي رآه هذا الرجل، قليل من كثير ممّا أخاف عليها من العذاب.
فقال الفتى: أحبّ أن تخبريني، ورفقت أنا بالعجوز، فقلت: أخبرينا، لنجتنبه ونتّعظ به.
فقالت: إن أخبرتكم بجميع ما أعرفه منها، ومن نفسي معها، طال، وبكت، وقالت: أما أنا، فقد علم الله أنّي تائبة منذ سنين، وقد كنت أرجو لها التوبة، فما فعلت، ولكن أخبركم بثلاثة أحوال من أفعالها، وهي عندي أعظم ذنوبها.
فقلنا: قولي.
فقالت للفتى: كانت من أشدّ الناس زنى، وما كان يمضي يوم، إلّا وتدخل إلى دار أبيك، بغير علمه، الرجل والرجلين، فيطأونها، ويخرجون، ويكون دخولهم، بألوان كثيرة من الحيل، وأبوك في سوقه.
فلما نشأت أنت، وبلغت مبلغ الرجال، خرجت في نهاية الملاحة، فكنت أراها تنظر إليك نظر شهوة، فأعجب من ذلك.
إلى أن قالت لي يوما، يا أمّي، قد غلب على قلبي، عشق ابني هذا، ولا بدّ لي أن يطأني.