فقلت لها: يا بنتي اتّقي الله، ولك في الرجال غيره متّسع؟
فقالت: لا بدّ من ذلك.
فقلت: كيف يكون هذا؟ أو كيف يجيئك، وهو صبيّ، وتفتضحين، ولا تصلين إلى بغيتك، فدعي هذا لله عزّ وجلّ، فقالت: لا بدّ أن تساعديني.
فقلت: أعمل ماذا؟
فقالت: تمضين إلى فلان المعلّم، وكان معلّما في جوارنا، أديبا، ورسمه أن يكتب لها رقاعا إلى عشّاقها، ويجيب عنها، فتبرّه، وتعطيه في كل وقت.
فقالت: قولي له، يكتب إليه رقعة، يذكر فيها عشقا، وشغفا، ووجدا، ويسأله الاجتماع، وأوصلي الرقعة، كأنّها من فلانة، وذكرت صبيّة من الجيران، مليحة.
قالت العجوز: ففعلت ذلك، وأخذت الرقعة وجئتك بها، فلما سمعت ذكر الصبية، التهب قلبك نارا، وأجبت عن الرقعة تسألها الاجتماع عندها، وتذكر أن لا موضع لك.
فسلّمت الجواب إلى والدتك.
فقالت: اكتبي إليه عن الصبيّة، أن لا موضع لها، وأنّ سبيل هذا أن يكون عنده، فإن قال لك: ليس لي موضع، فأعدّي له الغرفة الفلانية، وافرشيها، واجعلي فيها الطيب والفاكهة، وقولي له: إنها صبيّة، وهو ذا تستحي، ولكن عشقك قد غلب، وهي تجيئك إلى هاهنا ليلا، ولا يكون بين أيديكما ضوء، حتى لا تستحي هي، ولا تفطن والدتك بالحديث، ولا أبوك، إذا رأوا في الغرفة ضوء سراج، فإذا أجابك إلى هذا فأعلميني.
قالت: ففعلت ذلك، وأجبت أنت إلى هذا، وتقرّر الوعد ليلة بعينها، وأعلمتها، فلبست ثيابا، وتبخّرت، وتطيّبت، وتعطّرت، وصعدت إلى