للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: تعفيني.

فقلت: أقسم عليك بالله، إلّا فعلت.

فقال: يا أخي، مصائب الدنيا كثيرة، ومنها: أنّ ابني هذا نشأ، فأدّبته، وعلّمته، ونشأت له أخت، لم يكن ببغداد أحسن منها، وكانت أصغر سنا منه، فعشقها، وعشقته، ونحن لا نعلم.

ثم ظهر أمرهما، فزجرتهما، وأنكرت عليهما، وانتهى الأمر إلى أن افترعها.

فبلغني ذلك، فضربته بالمقارع وإيّاها، وكتمت خبرهما لئلّا أفتضح، ففرّقت بينهما، وحجرت عليهما، وشدّدت عليهما أمهما مثل تشديدي، فكانا يجتمعان على حيلة، كالغريبين.

فبلغنا ذلك فأخرجت الغلام من الدار، وقيّدت الجارية، فكانا على ذلك شهورا كثيرة.

وكان يخدمني غلام لي كالولد، فتمّت لولدي عليّ حيلة به، فكان يترسّل بينهما، حتى أخذوا منّي مالا جليلا، وقماشا كثيرا، وهربوا منذ سنتين، وعملوا لأخذ ذلك، والهرب، حيلة طويلة الشرح، فلم أقف لهم على خبر، وهان عليّ فقد المال لبعدهما، فاسترحت منهما، إلّا أن نفسي كانت تحنّ إليهما.

فبلغني أنّ الغلام في بعض السكك منذ أيام، فكبست عليه الدار، فصعد إلى السطح.

فقلت له: بالله عليك يا فلان، ما فعل ولداي؟ فقد قتلني الشوق إليهما، وأنت آمن.

فقال لي: عليك بدرب فتح، في الجانب الغربي، فسل عنهما هناك، ورمى نفسه إلى سطح آخر، وهرب، وأنا أعرف بفلان، من مياسير التجار