للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستحييت، وحملت الأذى، وقلت: ثواب، وما زلت أسير في الشمس، والرمضاء، إلى الشونيزية «١» .

فلما حططنا الجنازة في مسجد الجنائز، هرب الحمال الآخر.

فقلت لنفسي: ما لهؤلاء الملاعين، والله لأتمّمن الثواب، وأخرجت من كمّي دراهم، وصحت، يا حفّار، أين قبر هذه الجنازة؟

فقال: لا أدري.

فقلت: احفر، فأخذ مني درهمين، وحفر قبرا.

فلما صوّبت عليه الجنازة، ليأخذ الميت ليدفنه، وثب من اللحد، ولكمني، وجعل عمامتي في رقبتي، وصاح: يا قوم! قتيل.

واجتمع الناس، وسألوه، فقال: هذا جاء برجل مقطوع الرأس لأدفنه له، فحلّ الكفن، فوجد الأمر على ما قاله الحفّار.

فبهتّ، وتحيّرت، وجرى عليّ من العامة، من المكروه، ما كادت نفسي تتلف، إلى أن حملت إلى صاحب الشرطة، فأخبر الخبر، فجرّدت للسياط، وأنا ساكت، باهت وكان له كاتب، فحين رأى حيرتي، قال له: أنظرني، حتى أكشف أمر هذا الرجل، فإنّي أحسبه مظلوما.

فخلا بي، وساءلني، فأخبرته خبري، ولم أزد فيه، ولم أنقص.

فنحّى الميت عن الجنازة، وفتّشها، فوجد فيها كتابة، انها للمسجد الفلاني، للناحية الفلانية.

فأخذ معه رجّالة، ومضى، فدخل المسجد متنكّرا، فوجد فيه خيّاطا،