للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيتا، فكان يصرخ الليل كلّه، فإذا ملّ من الصراخ، أنّ كما يئنّ المدنف من علّته.

فأشاروا علينا بتخليته، وقالوا: إنّكم إن خلّيتموه، تفرّج واستراح، فخلّيناه.

فكان إذا أصبح، خرج فقعد على باب داره، فكلّ من مرّ به، سأله:

أين تريد؟

فيقول: أريد موضع كذا وكذا.

فيقول: اذهب محفوظا، لو كان طريقك على بغيتنا، أودعناك كلاما.

قال: فمرّ به بعض إخوانه، فقال: أين تريد؟

قال: أريد حيث تحب، فهل لك من حاجة؟

قال: نعم.

قال: ما هي؟

فقال:

تقرا السلام على الحبيب تحيّة ... وتبثّه بمطاول الأسقام

وتقل له: إنّ التقى زمّ الهوى ... لمّا سما متعجّلا بزمام

فقال: أفعل إن شاء الله.

قال: فمضى، فما كان بأسرع من أن رجع، فقال: قد بلّغت القوم رسالتك.

قال: فما قالوا؟

قال: قالوا:

لئن كان تقوى الله زمّك أن تنل ... أمورا نهى عن نيلها بحرام

فزرنا لنقضي من حديث لبانة ... ونشفي نفوسا آذنت بسقام