فقالت له: قد أخذ النبيذ منك يا سيدي، قم فافرغ من هذا الميشوم، حتى نتخلّص منه.
فتشهّدت حينئذ.
ففتح الباب، ودخل الأسود إليّ بسيف مسلول، فما زال يضربني موشّحا، وأنا أصيح، فلا يسمع أحد صياحي، إلى أن بردت، وانقطع صياحي، ولم يشك الأسود في موتي، فجذبني وطرحني في البئر، وإذا تحتي فيها أشلاء «١» ثلاثة، فصرت أنا قريبا من رأسها، فوق القوم، فخرج ولم يغلق الباب. فقالت له: ما عملت؟
قال: فرغت منه.
فنام إلى جانبها، وقامت العجوز، فجللتهم، ولم يكن في الدار غيرهم.
فلما كان بعد نصف الليل، حملتني حلاوة الحياة، على طلب الخلاص فقمت، فإذا البئر إلى صدري، وإذا أنا قويّ، فتسلّقت، وخرجت منها إلى البيت.
ووقفت أتسمّع، فلم أسمع لهم حسّا، إلّا غطيطا يدل على نومهم، فخرجت قليلا قليلا، حتى فتحت الباب، وخرجت من الدار، وما شعروا بي، فجئت إلى بيتي قبل طلوع الشمس.
فقالوا: ما دهاك؟
فقلت: كنت البارحة عند صديق لي، وبكّرت من عنده، فلقيني لص يستقفي «٢» ، فمنعته ثيابي، فأخذها، وعمل بي هذا.