فأقمت شهورا أعالج، إلى أن عوفيت، فلما خرجت، وتصرّفت، لم يكن لي همّ إلّا طلب المرأة في الطريق والأسواق.
فاجتزت يوما بالكرخ، فرأيتها، فلم أكلّمها، وعدت إلى منزلي، وكنت قد غيّرت زيّي، وطوّلت لحيتي، حتى تغيّرت هيأتي عليها، ومشيت ويدي مكتوفة إلى ظهري، على مذهب الخراسانية، وجئت أطلبها، وصادفتها في الموضع.
فحين رأتني العجوز، أقبلت عليّ، وبدأتني بالكلام، فأجبتها بالفارسية، وعلمت أنها لم تعرفني.
وجئت معها، فحملتني إلى الدار بعينها، وجرت القصة على الرسم الأول، إلى أن قالت: قد جاء أخي وغلامه، قم لا يراك، فأقامتني إلى البيت بعينه، فدخلته، وأغلقت عليّ، ووقفت أسمع، وكان تحت ثيابي سيف لطيف ماض.
فقال لها الأسود، بعد أن وطئها خمس عشرة مرة: أيش جبت اليوم؟
قالت: بطة سمينة، خراساني معه هميان ملآن.
قال: فأين هو؟
قالت: في وسطه.
فقال: غاية «١» .
فأخرجت أنا السيف، ووقفت خلف الباب أنتظره، فأكل، وشرب حتى سكر، وجاء، فدخل، فخالفت طريقه، ومضى يريد صدر البيت، فصرت خلفه، وضربته في ساقه ضربة محكمة، أجلسته منها، وثنّيتها بأخرى، فما قدر أن ينهض، وواليت ضربه، حتى قطّعته، فلما برد،