للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى دار العامة، وجلسنا في رواقها، وحضر هارون بن عمران الجهبذ «١» ، فجلس بين يدي أبي، ولم يحادثه، فهو في ذاك، إذ جاء غلام حامد الذي كان موكلا بالحلّاج، وأومأ إلى هارون بن عمران أن يخرج إليه، فنهض عن المجلس مسرعا، ونحن لا ندري ما السبب.

فغاب عنّا قليلا، ثم عاد وهو متغيّر اللون جدا. فأنكر أبي ما رآه منه، وسأله عنه.

فقال: دعاني الغلام الموكل بالحلّاج، فخرجت إليه، فأعلمني أنّه دخل إليه، ومعه الطبق الذي رسم أن يقدمه إليه في كل يوم، فوجده ملأ البيت من سقفه إلى أرضه، وملأ جوانبه، فهاله ما رأى من ذلك، ورمى الطبق من يده، وخرج من البيت مسرعا، وأن الغلام ارتعد، وانتفض، وحمّ، وبقي هارون يتعجّب من ذلك.

وبلغ حامدا عن بعض أصحاب الحلّاج، إنّه ذكر أنّه دخل إليه، إلى الموضع الذي هو فيه، وخاطبه بما أراده، فأنكر ذلك كلّ الإنكار، وتقدّم بمساءلة الحجاب والبوابين عنه، وقد كان رسم أن لا يدخل إليه أحد، وضرب بعض البوابين، فحلفوا بالإيمان المغلظة، أنهم ما أدخلوا أحدا من أصحاب الحلّاج إليه، ولا اجتاز بهم، وتقدّم بافتقاد السطوح، وجوانب الحيطان، فافتقدوا ذلك أجمع، ولم يوجد له أثر ولا خلل.

فسئل الحلّاج، عن دخول من دخل إليه، فقال: من القدرة نزل، ومن الموضع الذي وصل إليّ منه خرج.