للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وباعوه بينهم، فرجع عليهم منه دراهم صالحة اقتسموها، وانصرفوا عن الرجل، فلم يعرفوا خبره.

فلما كان بعد سنة، قال صاحب المشورة، بالزجاج والفار والسنّور، لو مضيت إلى ذلك المدبر، فعرفت خبره.

فجاء، فإذا هو قد باع قماش بيته، وأنفقه، ونقض داره، وباعها، وسقوفها، حتى لم يبق إلّا الدهليز، وهو نائم فيه، على قطن، متغطّ بقطن قد فتق من لحف وفرش، بيعت وبقي القطن، فهو يتوطّاه، ويتغطّى به من البرد.

قال: فرأيته، وكأنّه سفرجل بين القطنين.

فقلت: يا ميشوم، ما هذا؟

قال: ما تراه.

فقلت: في نفسك حسرة؟

قال: نعم.

قلت: ما هي؟

قال: أشتهي أن أرى فلانة، مغنيّة كان يعشقها، وأتلف أكثر المال عليها.

قال: وبكى، فرققت له، وأعطيته من منزلي ثيابا، فلبسها، وجئنا إلى بيت المغنّية، فقدّرت أنّ حاله قد ثابت «١» ، فدخلنا إليها «٢» ، فحين رأته، أكرمته، وبشّت به، وسألته عن خبره، فصدقها عن الصورة.

فقالت له في الحال: قم، قم.

قال: لم؟

قالت: لئلا تجيء ستّي وتراك وليس معك شيء فتحرد عليّ لم