للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متوسّطة، وطعام نظيف كاف، إلّا أنّه قليل، فأكلنا، وبنبيذ تمر جيّد، فجعلوه بين يديّ، وبمطبوخ جيّد بين يديه.

ومدّت ستارة، فإذا بغناء طيّب، وبخّر بعود طريّ «١» وندّ جميعا، وأنا متشوّف إلى علم السبب.

فلما طابت نفسه، قال: يا فلان، تذكر أيّامنا الأوّلة؟

قلت: نعم.

قال: أنا الآن في نعمة متوسّطة، وما قد أفدته «٢» من العقل، والعلم بالزمان، أحبّ إليّ من تلك النعمة، هو ذا ترى فرشي؟

قلت: نعم.

قال: إن لم يكن بذلك العظم، فهو مما يتجمّل به أوساط الناس.

قلت: نعم.

قال: وكذلك آلتي، وثيابي، ومركوبي، وطعامي، وفاكهتي، وشرابي، فأخذ يعدّد ويقول في كل فصل: إن لم يكن ذلك المفرط، ففيه جمال، وبلاغ، وكفاية.

إلى أن ذكر كلّ ما عنده «٣» ، ويضيف ذلك إلى أمره الأوّل، ويقول:

هذا يغني عن ذلك، وقد تخلّصت من تلك الشدّة الشديدة، تذكر يوم عاملتني المغنّية لعنها الله بما عاملتني به؟ وما عاملتني به أنت ذلك اليوم، وقلته في كلّ يوم، وفي يوم الزجاج؟

فقلت: هذا قد مضى، والحمد لله الذي أخلف عليك، وخلّصك مما كنت فيه، فمن أين لك هذه النعمة، والجارية التي تغنّينا الآن؟