للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: اشتريتها بألف دينار «١» ، وربحت جذور القيان «٢» ، وأمري الآن على غاية الانتظام والاستقامة.

فقلت: من أين هذا؟

قال: مات خادم لأبي، وابن عمّ لنا بمصر، في يوم واحد، فخلّفا ثلاثين ألف دينار، فحملت إليّ بأسرها، فوصلت في وقت واحد، وأنا بين القطن، كما رأيت، فحمدت الله، واعتقدت أن لا أبذّر، وأن أدبّر، وأعيش بها إلى أن أموت، وأنفقها على اقتصاد.

فعمّرت هذه الدار، واشتريت جميع ما فيها من فرش وآلة وثياب ومركوب وجواري وغلمان، بخمسة آلاف دينار، وجعلت تحت الأرض خمسة آلاف دينار [٦١ ب] ، عدّة للحوادث، وابتعت ضياعا ومستغلات بعشرة آلاف دينار، تغلّ لي في كلّ سنة، مقدار نفقتي، على هذا المقدار الذي تراه من النفقة، ويفضل لي في كلّ سنة إلى وقت ورود الغلّات، شيء آخر، حتى لا أحتاج أن أقترض ولا أن أستدين، وأمري يمشي على هذا.

وأنا في طلبك منذ سنة، ما عرفت لك خبرا، فإنّي أحببت أن ترى رجوع حالي، ومن دوام صلاحها، واستقامتها، أن لا أعاشرك، يا عاضّ بظر أمّه، أبدا، خذوا يا غلمان برجله.

فجرّوا والله برجلي، وأخرجوني، ولم يدعوني أتمّم شربي عنده ذلك اليوم.

وكنت ألقاه بعد ذلك على الطريق راكبا. فيضحك إذا رآني، ولا يعاشرني، ولا أحدا من تلك الطبقة «٣» .

ويبعد في نفسي، ما حكي من أمر سفاتج الأعراب والأكراد، والزجاج، [٥٥ ط] فإن هذا عندي، لا تسمح به نفس مجنون.