للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالا: إنّا نقسم عليك إلّا ما رجعت، فو الله ما بيننا ريبة، ولا قبيح نخلو به دونك.

فانصرفت راجعا إليهما، حتى جلست معهما، فتحدّثا ساعة، ثم أرادت الانصراف.

فقال الأشتر: أما فيك حيلة يا جيداء، فنتحدّث ليلتنا، ويشكو بعضنا إلى بعض.

قالت: والله ما إلى ذلك من سبيل، إلّا أن نعود إلى الشر الذي تعلم.

فقال لها الأشتر: لا بدّ من ذلك، ولو وقعت السماء على الأرض.

فقالت: هل في صديقك هذا من خير أو فيه مساعدة لنا؟

قال: الخير كلّه.

قالت: يا فتى، هل فيك من خير؟

قلت: سلي ما بدا لك، فإنّي منته إلى مرادك، ولو كان في ذلك ذهاب روحي.

فقامت، فنزعت ثيابها، فخلعتها عليّ، فلبستها، ثم قالت: اذهب إلى بيتي، فادخل في خبائي، فإن زوجي سيأتيك بعد ساعة أو ساعتين، فيطلب منك القدح، ليحلب فيه الإبل، فلا تعطه إيّاه حتى يطيل طلبه، ثم ارم به رميا، ولا تعطه إيّاه من يدك، فإنّي كذا كنت أفعل به، فيذهب فيحلب، ثم يأتيك عند فراغه من الحلب، والقدح ملآن لبنا، فيقول: هاك غبوقك، فلا تأخذ منه حتى تطيل نكدا عليه، ثم خذه، أو دعه حتى يضعه، ثم لست تراه، حتى تصبح إن شاء الله.

قال: فذهبت، ففعلت ما أمرتني به، حتى إذا جاء القدح الذي فيه اللبن، أمرني أن آخذه، فلم آخذه، حتى طال نكدي، ثم أهويت لآخذه، وأهوى ليضعه، واختلفت يدي ويده، فانكفأ القدح، واندفق ما فيه،