للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: إن هذا طماح «١» مفرط، وضرب بيده إلى مقدّم البيت، فاستخرج سوطا مفتولا، كمتن الثعبان المطوّق، ثم دخل عليّ، فهتك الستر عنّي، وقبض على شعري، وأتبع ذلك السوط متني، فضربني تمام ثلاثين، ثم جاءت أمّه وإخوته، وأخت له، فانتزعوني من يده، ولا والله، ما أقلع، حتى زايلتني روحي، وهممت أن أوجره السكين، وإن كان فيه الموت.

فلما خرجوا عنّي، وهو معهم، شددت ستري، وقعدت كما كنت.

فلم ألبث إلّا قليلا، حتى دخلت أم جيداء عليّ تكلّمني، وهي تحسبني ابنتها، فاتّقيتها بالسكات «٢» والبكى «٣» ، وتغطّيت بثوبي دونها.

فقالت: يا بنيّة، اتّقي الله ربك، ولا تعرضي لمكروه زوجك، فذاك أولى بك، فأما الأشتر، فلا أشتر لك آخر الدهر.

ثم خرجت من عندي، وقالت: سأرسل إليك أختك تؤنسك، وتبيت الليلة عندك.

فلبثت غير ما كثير، فإذا الجارية قد جاءت، فجعلت تبكي، وتدعو على من ضربني، وجعلت لا أكلمها، ثم اضطجعت إلى جانبي.

فلما استمكنت منها، شددت بيدي على فيها، وقلت: يا هذه تلك أختك مع الأشتر، وقد قطع ظهري الليلة بسببها، وأنت أولى بالستر عليها، فاختاري لنفسك ولها، فو الله لئن تكلمت بكلمة، لأضجنّ بجهدي، حتى تكون الفضيحة شاملة.

ثم رفعت يدي عنها، فاهتزّت الجارية كما تهتز القصبة من الروع، ثم بات معي منها أملح رفيق رافقته، وأعفّه، وأحسنه حديثا، فلم تزل تتحدّث،