للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنزلت، وجعلت الفوطة بين يدي، وسرنا.

فإذا رجل ضرير على الشط، يقرأ أحسن قراءة تكون، فلما رآه الملّاح كبّر، فصاح هو بالملّاح، احملني، فقد جنّنني الليل، وأخاف على نفسي، فشتمه الملّاح.

فقلت له: احمله.

فدخل إلى الشط «١» ، فحمله، فرجع إلى قراءته، فخلب عقلي بطيبها.

فلما قربنا من الأبلّة، قطع القراءة، وقام ليخرج في بعض المشارع بالأبلّة، فلم أر الفوطة.

فاضطربت، وصحت، واستغاث الملّاح، وقال: الساعة تنقلب الخيطية، وخاطبني خطاب من لا يعلم حالي.

فقلت: يا هذا، كانت بين يدي فوطة فيها خمسمائة دينار.

فلما سمع الملّاح ذلك، لطم، وبكى، وتعرّى من ثيابه، وقال: لم أدخل الشط، ولا لي موضع أخبئ فيه شيئا فتتّهمني بسرقته، ولي أطفال، وأنا ضعيف، فالله، الله، في أمري، وفعل الضرير مثل ذلك.

وفتّشت السميرية، فلم أجد فيها شيئا، فرحمتهما، وقلت: هذه محنة لا أدري كيف التخلّص منها.

وخرجنا، فعملت على الهرب، وأخذ كلّ واحد منّا طريقا، وبتّ في بيتي، ولم أمض إلى صاحبي.

فلما أصبحت، عملت على الرجوع إلى البصرة، لأستخفي بها أيّاما ثم أخرج إلى بلد شاسع.

فانحدرت، وخرجت في مشرعة بالبصرة، وأنا أمشي، وأتعثّر، وأبكي،