للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلقا على فراق أهلي وولدي، وذهاب معيشتي وجاهي.

فاعترضني رجل، فقال: ما لك؟ فأخبرته.

فقال: أنا أردّ عليك مالك.

فقلت: يا هذا، أنا في شغل عن طنزك «١» بي.

قال: ما أقول إلّا حقا، امض إلى السجن ببني نمير «٢» ، واشتر معك خبزا كثيرا، وشواء جيدا، وحلوى، وسل السجّان أن يوصلك إلى رجل محبوس هناك، يقال له: أبو بكر النقاش، قل له: أنا زائره، فإنّك لا تمنع، وإن منعت، فهب للسجّان شيئا يسيرا، يدخلك إليه.

فإذا رأيته، فسلّم عليه، ولا تخاطبه، حتى تجعل بين يديه ما معك، فإذا أكل، وغسل يديه، فإنّه يسألك عن حاجتك، فأخبره خبرك، فإنّه سيدلك على من أخذ مالك، ويرتجعه لك.

ففعلت ذلك، ووصلت إلى الرجل، فإذا شيخ مكبّل بالحديد، فسلّمت، وطرحت ما معي بين يديه، فدعا رفقاء له، فأكلوا.

فلما غسل يديه، قال: من أنت، وما حاجتك؟ فشرحت له قصّتي.

فقال: امض الساعة إلى بني هلال، فادخل الدرب الفلاني، حتى تنتهي إلى آخره، فإنّك تشاهد بابا شعثا، فافتحه وادخله، بلا استئذان، فتجد دهليزا طويلا، يؤدي إلى بابين، فادخل الأيمن منهما، فسيدخلك إلى دار فيها أوتاد وبواري، وكل وتد عليه إزار ومئزر، فانزع ثيابك، وألقها على الوتد، واتّزر بالمئزر، واتّشح بالإزار، واجلس، فسيجيء قوم يفعلون كما فعلت، ثم يؤتون بطعام، فكل معهم، وتعمّد موافقتهم،