خالي يقرأ عليكم السلام، ويقول: يا فتيان، بحياتي، ردّوا علي ابن أختي المئزر الذي أخذتموه بالأمس من السفينة، بنهر الأبلّة، فإنّهم يردّونه عليك.
فخرجت من عنده، ففعلت ما أمر، فردّت الفوطة بعينها، وما حلّ شدّها.
فلما حصلت لي، قلت: يا فتيان، هذا الذي فعلتموه معي، هو قضاء لحقّ خالي، ولي أنا حاجة تخصّني.
قالوا: مقضيّة.
قلت: عرّفوني، كيف أخذتم الفوطة؟ فامتنعوا ساعة، فأقسمت عليهم بحياة أبي بكر النقاش.
فقال لي واحد منهم: أتعرفني؟ فتأمّلته جيدا، فإذا هو الضرير الذي كان يقرأ، وإنّما كان متعاميا.
وأومأ إلى آخر، فقال: أتعرف هذا؟ فتأمّلته، فإذا هو الملّاح.
فقلت: كيف فعلتما؟
فقال الملّاح: أنا أدور في المشارع، في أول أوقات المساء، وقد سبقت بهذا المتعامي، فأجلسته حيث رأيت، فإذا رأيت من معه شيء له قدر، ناديته، وأرخصت له الأجرة، وحملته.
فإذا بلغت إلى القارئ، وصاح بي، شتمته، حتى لا يشكّ الراكب في براءة الساحة، فإن حمله الراكب، فذاك، وإلّا رقّقته عليه حتى يحمله، فإذا حمله، وجلس يقرأ، ذهل الرجل، كما ذهلت.
فإذا بلغنا الموضع الفلاني، فإنّ فيه رجلا متوقّعا لنا، يسبح، حتى