للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فغنيني صوتا.

فغنّته أصواتا من صنعتي، وغمزتها، أن لا تعرّفيه أنّي دحمان، فطرب، وامتلأ سرورا، والجارية تغنيه، حتى قرب وقت الرحيل.

فأقبل عليّ، وقال: أتبيعني هذه الجارية؟

قلت: نعم.

قال: بكم؟

قلت كالعابث: بعشرة آلاف دينار.

قال: قد أخذتها، فهلمّ دواة وقرطاسا، فجئته بذلك، فكتب فيه:

ادفع إلى حامل هذا الكتاب، ساعة تقرأه، عشرة آلاف دينار، وتسلّم الجارية منه، واستعلم مكانه، وعرّفنيه، واستوص به خيرا.

وختم الكتاب، ودفعه إليّ، وقال: إذا دخلت المدينة، فسل عن فلان، واقبض منه المال، وسلّم إليه الجارية، ثم ركب، وتركني.

فلما أصبحنا رحلنا، ودخلنا المدينة، فحططت رحلي، وقلت للجارية:

البسي ثيابك، وقومي معي، وأنا- والله- لا أطمع في ذلك، ولا أظنّ الرجل إلّا عابثا.

فقامت معي، فخرجت بها، وسألت عن الرجل، فدللت عليه، فإذا هو وكيل الوليد بن يزيد، فأتيته، فأوصلت إليه الكتاب.

فلما قرأه، وثب قائما، وقبّله، ووضعه على عينيه، وقال: السمع والطاعة لأمير المؤمنين، ودعى بعشرة آلاف دينار، فسلّمت إليّ، وأنا لا أصدّق أنها لي.

وقال لي: أقم، حتى أعلم أمير المؤمنين خبرك.

فقلت: حيث كنت، أنا ضيفك، وقد كان أمره لي بمنزل، وكان بخيلا.