للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النهار وعجزه، وأوّله وآخره، كما قيل للشمس والقمر، القمران، وأحدهما القمر، ولأبي بكر وعمر، العمران، وأحدهما عمر.

وأمره أن يتعهّد موائد الكبراء والعظماء بقراياه، وسمط الأمراء والوزراء بسراياه، فإنّه يظفر منها بالغنيمة الباردة، ويصل عليها إلى الغريبة النادرة، وإذا استقرأها، وجد فيها من طرائف الألوان، الملذّة للسان، بدائع الطعوم، السائغة في الحلقوم، ما لا يجد عند غيرهم، ولا يناله إلّا لديهم.

وأمره أن يتتبّع ما يعرض لموسري التجار، ومجهّزي الأمصار، من وكيرة «١» الدار، والعرس والأعذار «٢» ، فإنّهم يوسّعون على أنفسهم في النوائب، بحسب تضييقهم عليها في الراتب.

وأمره أن يصادق قهارمة الدور ومدبّريها، ويرافق وكلاء المطابخ وحمّاليها، فإنهم يملكون من أصحابهم، أزمّة مطاعمهم، ومشاربهم، ويضعونها بحيث يحبّون من أهل مودّاتهم، ومعارفهم، وإذا عدّت هذه الطائفة أحدا من الناس من خلّانها، واتخذته أخا من إخوانها، سعد بمرافقتها، وحظي بمصادقتها، ووصل إلى محابّه من جهاتها، ومآربه في جنباتها.

وأمره أن يتعهّد أسواق المتسوّقين، ومواسم المتبايعين، فإذا رأى وظيفة قد زيد فيها، وأطعمة قد احتشد مشتريها، اتّبعها إلى المقصد بها، وشيّعها إلى المنازل الحاوية لها، واستعلم ميقات الدعوة، ومن يحضرها من أهل اليسار والمروءة، فإنّهم لا يخلو فيهم من عارف به يراعي وقت مصيره إليها ليتبعه، ويكمن له ويصحبه، ويدخل معه، وإن خلا من ذلك، اختلط بزمر الداخلين، فما هو إلّا أن يتجاوز عتب الأبواب، ويخرج من سلطان البوابين والحجّاب،