للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى يحصل محصلا، قلّما حصله أحد قبله فانصرف عنه، إلّا ضلعا «١» من الطعام، نزيفا «٢» من المدام.

وأمره أن ينصب الأرصاد، على منازل المغنّيات والمغنّين، ومواطن الإبليات «٣» والمخنّثين «٤» ، فإذا أتاه خبر لمجمع يضمّهم، أو مأدبة تعمّهم، ضرب إليها أعقاب إبله، وانضى حولها مطايا خيله، وحمل عليها حملة الحوت الملتقم، والثعبان الملتهم، والليث الهاجر، والعقاب الكاسر.

وأمره أن يتجنّب مجامع العوام المقلّين، ومحافل الرعاع المقترين، وأن لا ينقل إليها قدما، ولا يفضّ لمأكلها فما، ولا يلقي في عتب دورها كيسانا «٥» ، ولا يعدّ الرجل منها إنسانا، فإنها عصابة تجتمع لها ضيق النفوس والأحوال، وقلّة الأحلام والأموال، وفي التطفيل عليها إجحاف بها يؤثم، وإرزاء بمروءة المطفّل، والتجنّب لها أجدى، والازورار عنها أرجى.

وأمره أن يحزر الخوان إذا وضع، والطعام إذا نقل، حتى يعرف بالحدس والتقريب، والبحث والتنقيب، عدد الألوان، في الكثرة والقلّة، وافتنانها في الطيب واللذّة، فيقدّر لنفسه أن يشبع مع آخرها، وينتهي عند انتهائها، ولا يفوته النصيب من كثيرها وقليلها، ولا يخطئه الحظّ من دقيقها وجليلها.