للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: أنا أوّل من دعي إلى هذا الحق.

قيل: وكيف ذاك؟ ونحن لا نعرفك.

فقال: إذا رأيت صاحب الدار، عرفني، وعرفته بنفسي.

فجيء به، فلما رآه بدأه بالسلام، بأن قال له: هل قلت- أيّدك الله- لطباخك، أن يصنع طعامك، زائدا على عدد الحاضرين، ومقدار حاجة المدعوين؟

فقال: نعم.

فقال: فإن تلك الزيادة لي، ولأمثالي، وبها تستظهر، لمن جرى مجراي، وهي رزق أنزله الله على يدك، وسبّبه من جهتك.

فقال: مرحبا بك، وأهلا، وقربا، والله، لا جلست إلّا مع علية الناس، ووجوه الجلساء، إذ قد ظرفت في قولك، وتفنّنت في فعلك.

فليكن ذلك الرجل، لنا إماما نقتدي به، وحاذيا نحذو على مثاله، إن شاء الله.

وأمره أن يكثر من تعاهد الجوارشنات «١» المنفذة للسدة «٢» ، المقوية للمعدة، المشهيّة للطعام، المسهّلة لسبيل الانهضام، فإنها عماد أمره وقوامه، وبها انتظامه والتئامه، لأنها تعين على عمل الدعوتين، وتنهض في اليوم الواحد بالأكلتين، وهو في تناولها، كالكاتب الذي يقطّ أقلامه، والجندي الذي يصقل حسامه، والصانع الذي يجدد آلاته، والماهر الذي يصلح أدواته.