للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت له: خمسة وعشرون ألف دينار.

قال: احملها إلى منزلك.

فأخذتها إلى منزلي، وسهرت ليلي لحفظها، على اهتمامي طول نهاري بها، ومضى لهذا الحديث زمان ليس بالطويل، وبان الضرّ في وجهي.

فدخلت إليه يوما، فقال لي: ادن منّي، ما لي أراك متغيّر اللون، سيّء الحال؟.

فحدّثته بإقلالي وإضاقتي.

فقال: ويحك، وأنت ممّن بنفق في مدّة يسيرة، خمسة وعشرين ألف دينار؟

قلت: أيّد الله سيدنا الوزير، ومن أين لي خمسة وعشرون ألف دينار؟

قال: يا جاهل، أما قلت لك احملها إلى منزلك؟ أتراني لم أجد من أودعه مالي غيرك؟ ويحك أما رأيت إعراضي عنك، أوّل دخولك إليّ.

قلت: بلى أيّها الوزير، وذاك الذي أذاب قلبي.

قال: ويحك، إنّما أعرضت عنك، حياء منك، وتذكّرت جميل صنيعك، وأنا محبوس، فقلت: متى أقضي حقّ هذا فيما فعله؟ فعجّل إلى منزلك، واتّسع في النفقة، وأنا أنظر لك، بما يغنيك، ويغني عقبك، إن شاء الله تعالى.

فعدت إلى منزلي، عودة عبد من عند مولى كريم، وكان ذلك سبب غناي.

نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط