للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له في حال الاستتار: إن وليت الوزارة، فأيّ شيء تحب أن أعمل بك؟

قال: تقلّدني شيئا من أعمال السلطان.

قال: ويحك، لا يجيء منك عامل، ولا أمير، ولا صاحب شرطة، ولا كاتب، ولا قائد، فأيّ شيء أقلّدك؟

قال: لا أدري، ما شئت.

قال: أقلّدك القضاء.

قال: قد رضيت.

فلما خرج، وولي الوزارة، وهب له، وأحسن إليه، وقلّده قضاء البصرة، وواسط، وسبع كور الأهواز.

وكان يداعبه، ويتلهّى به «١» ، ويسخر منه في أوقات استتاره عنده، وقبلها، ويمدّ يده إليه، فلمّا ولّاه القضاء، وقرّه عن ذلك.

ثم انحدر أبو أميّة إلى أعماله، فأراد أن يغطّي نقصه في نفسه، وقلّة علمه، ويصل ذلك بشيء يتجمّل به، فعفّ عن الأموال، فما أخذ شيئا، وتصوّن وتوقّر، واقتصر على الأرزاق، وصلات ابن الفرات الدارّة، فستر ذلك جميع عيوبه.

وتناوله الشعراء، فقال فيه القطرانيّ البصريّ: [٦٨ ط] .

عبث الدهر بنا و ... الدهر بالأحرار يعبث

من عذيري من زمان ... كل يوم هو أنكث

ما ظننّا أنّنا نبقى ... وأن «٢» نحيا ونلبث

فنرى الأحوص يقضي ... وأبا عيسى يحدّث