الموضع الذي تركه فيه، وأنّ ذلك الحجر صار بالقرب من موضعه الأوّل، فتركه وانصرف.
ثم احتمله بعد ذلك، رجل آخر، من أهل الرصافة «١» ، على خلق من الحمّالين، يتناوبون عليه، حتى أدخله الرصافة، فحضر أهل ذلك الصقع الذي كان فيه، يضجّون، ويقولون: إنّ هذا نأنس به في ذلك المكان، وإنّا نأوي إليه في الليل، فنأنس به، ويمنع عنّا الوحش، إذا كنّا بقربه، فلا يقربون ما يأوي إليه، فحملوه ثانية، حتى ردّوه إلى موضعه الأوّل، بعد أن بذل لهم الرجال، حمله من الرصافة.
وكان على صدره، وعلى ظهره، وكتفيه، كتابة محفورة، قديمة لا يدري بأيّ قلم هي [٦٨] .
وفي هذه البلاد، قرية، تعرف بقصبة نهر الفضل، وهي تلهوار «٢» ، و [على] نحو فرسخين [منها] تلّ يعرف بتل ريحا «٣» ، من البلاد القديمة، فيها آثار، وفيه حجر عظيم مربع، له سمك كثير، وهو كالسرير، طول تسعة أذرع، في أذرع «٤» ، قد غاب في الأرض أكثره، وعليه تماثيل، ونقش.
وكان صاحب تلهوار، أحمد بن خاقان «٥» ، أراد إقلاب هذا الحجر، لينظر ما تحته، فاحتفر حوله، واجتهد أن يقدر على قلبه، فلم يقدر على ذلك، لأنهم كانوا كلّما احتفروا تحته، ليتمكّنوا من قلبه، هوى إلى الحفرة،