للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحته الفرس الأشهب، وقد تلقّاه أمير البلد، فترجّل له.

قال: فحين رأيته، ترجّلت، ودعوت له، فلما رآني تبسّم، وأخذ بيدي، وأحفى السؤال بي «١» ، ثم تفرّق الجيش بين يديه، فلحقته إلى البلد، فلم أستطع القرب منه، لازدحام الدواب، فانصرفت وباكرته من غد، في مثل ذلك الوقت، الذي كنت جئته ليلة الرؤيا.

فقال لي الحاجب: من أنت؟

فقلت: عبّاد.

فقال: ادخل، واستأذن.

فدخلت وهو يستاك، فضحك إليّ، وقال: قد صحّت رؤياك يا عبّاد.

فقلت: الحمد لله.

فقال: لا تبرح من الدار، حتى أنظر في أمرك.

قال: وكان بأهله بارا، ورسمه إذا ولي عملا، أن لا ينظر في شيء من أمر نفسه، حتى ينظر في أمر أهله، فيصّرف من يصلح منهم للتصرّف، أو يبّره، وإذا فرغ منهم، عدل إلى الأخص، فالأخصّ، من حاشيته، فإذا فرغ من ذلك، نظر في أمر نفسه.

قال: فجلست في الدار إلى قرب العصر، وهو ينظر في أمر أهله، والتوقيعات تخرج، بالصلات، والأرزاق، وكتب التقليدات، إلى أن صاح الحاجب: عبّاد بن الحريش، فقمت إليه.

فقال: إنّي ما نظرت في أمر أحد، غير أمر أهلي، فلما فرغت منهم، بدأت بك قبل الناس كلّهم، فاحتكم، ما تريد؟

فقلت: ترد عليّ المال الذي أدّيته، وتقلّدني العمل الذي صرفتني عنه.