للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: ما فكّرت في هذا، ولا حملت شيئا.

فقال له: بحياتي عليك.

فضرب بيده إلى كمّه، فأخرج منه، مثل الدواة، معمولا من عود هندي، لم ير قط مثله، كالأبنوس «١» سوادا، وعليه حلية ذهب محرّق «٢» ، لم ير قط أحسن منها عملا، ولا من الدواة.

قال: فقدّر المتوكل، أنّ الهدية هي الدواة، فاستحسنها.

فقال: لا تعجل يا مولاي، حتى ترى ما فيها.

ففتحها، وأخرج من داخلها، ملعقة كبيرة محرّقة، من ياقوت أحمر.

قال: فخطفت أبصارنا، ودهشنا، وتحيّرنا.

فبهت المتوكل، وأبلس «٣» ، وسكت ساعة متعجبا، مفكّرا، ثم قال:

يا بختيشوع، والله، ما رأيت لنفسي، ولا في خزانتي، ولا في خزائن آبائي، ولا سمعت، ولا بلغني أنّه كان للملوك من بني أميّة، ولا لملوك العجم مثلها، فمن أين لك هذه؟ [٩٨] .

فقال: الناس لا يطالبون بمثل هذا، وقد أهديت إليك، ما قد اعترفت بأنّك لم تر، ولم تسمع، بمثله حسنا، فليس لك مسألتي عن غيره.

قال: بحياتي أخبرني.

فامتنع، إلى أن كرّر عليه إحلافه بحياته، دفعات، وهو يمتنع.

فقال: ويحك، أحلّفك بحياتي، دفعات، أن تحدّثني حديثا، فتمتنع، وقد بذلت لي ما هو أجلّ من كلّ شيء.

قال: فقال له: نعم يا مولاي، كنت حدثا، أصحب أبي جبريل