ابن بختيشوع إلى دور البرامكة، وهو إذ ذاك طبيبهم، لا يعرفون خدمة طبيب غيره، ولا يثقون برأي غيره، ويدخل إلى حرمهم، ولا يستتر أكثرهم عنه.
قال: فصحبته يوما، وقد دخل إلى يحيى بن خالد، فلما خرج من عنده، عدل به الخادم، إلى حجرة دنانير «١» جاريته، فدخلت معه، وأفضينا إلى ستارة منصوبة، في صدر مجلس عظيم، وخلفها الجارية، فشكت إليه شيئا وجدته، فأشار عليها بالفصد»
، وكان لا يفصد بيده، وإنّما يحمل معه من يفصد من تلامذته، ورسم الفصد عليهم خمسمائة دينار.
قال: فندبني ذلك اليوم للفصد، وأخرجت يدها من وراء الستارة، ففصدتها، وحملت إليّ في الحال خمسمائة دينار عينا، وأخذتها، وجلس أبي إلى أن يحمل إليها شراب تشربه بحضرته، ورمّان أشار عليها باستعماله.
قال: فحمل ذلك في صينية عظيمة مغطّاة، وتناولت منه ما أرادت، وخرج الظرف مكشوفا، فرآه أبي، فقال للخادم: قدّمه إليّ، فقدّمه إليه، فكان في جملته جامة فيها رمّان، وفيها هذه الملعقة، فحين رآها أبي قال:
والله ما رأيت مثل هذه الملعقة، ولا الجامة.
قال: فقالت له دنانير: بحياتي عليك، يا جبريل، خذها.