وكتب الشهود خطوطهم بالشهادة بذلك، وختموها، وأخذها محمد ابن منصور، وجعلها في كمّه، ونهض.
وأخذ الرخّجيّ يهزأ بالقاضي، ويظهر التهاون بفعله ذلك.
وقال له لمّا أراد القيام، طانزا «١» : يا أبا جعفر، بالغت في عقوبتي، قتلتني.
فقال أبو جعفر: إي والله.
فما سمعناه أجابه بغيرها، وافترقا، وكتب صاحب الخبر، للوقت، إلى المتوكل.
قال: فبلغنا أنّ كتابه لما عرض على المتوكل، أحضر وزيره، وقال له: يا فاعل يا صانع، أنا أقول لك منذ دهر، حاسب هذا الخائن المقتطع، الرخّجيّ، على أموالنا، وأنت تدافع، حتى حفظها الله علينا، بقاضينا محمد بن منصور، ورمى إليه بكتاب صاحب الخبر.
وقال له: قد ظهرت الآن أموالنا، في سقطات قوله، وفلتات لسانه «٢» ، وهذه عادة الله عزّ وجل عند أئمّة عباده، أن يأخذ لهم أعداءهم، اكتب الساعة بالقبض على الرخّجيّ، وتقييده، وغلّه، وحمله.
قال: فخرج الوزير، وهو على غاية القلق، لعنايته بالرخّجيّ، واستدعى خليفته «٣» وقال له: اكتب إليه الساعة، قد تسرّعت يا مشوم، وقتلت نفسك، ما كان الذي دعاك إلى معاداة القضاة؟، قد جرى كيت وكيت، وأنت مقتول إن لم تتلاف أمر محمد بن منصور، فاجتهد فيه، وأعلمه، أنّي هوذا، أؤخّر اليوم فقط، في إنفاذ من يقبض عليه، إلى أن يحكم