قال: فبادر الرخّجيّ، فأكبّ على رأسه، فلما رآه القاضي قد فعل ذلك، قام إليه، فعانقه.
وبكى الرخّجيّ بين يديه، ودفع الكتاب إليه.
قال: فبكى القاضي، وقال: عزيز عليّ يا هذا، ما كان اضطرّك إلى الإقرار؟
فقال: تحتال في أمري، فقال: والله ما لي حيلة، فإنّ الحكم كالسهم، إذا نفذ لم يمكن ردّه، فجهد به الرخّجيّ، فما زاده على ذلك، فانصرف بأقبح منصرف.
فلما كان من الغد، ورد خادم، فقبض عليه وغلّه، وقيّده وحمله.
وورد كتاب الخليفة على القاضي، يقول: أحسن الله جزاءك على ما فعلته في حفظ أموال المسلمين، وقد كنّا نأمر بمحاسبته، فيتأخّر ذلك لعوائق، والآن فقد أقرّ طائعا غير مكره، فما نؤثر معاملته، إلّا بما يعمله أهل الذمة لو كانوا في مكاننا، من أخذ الحق بالحكم، وقد أنفذته على الواجب، بارك الله عليك، وإنّ للرجل أملاكا قبلك، فتنصب من يبيعها، وتحمل ثمنها إلى بيت المال، قضاء لما أقرّ به.
قال: فنصب محمد بن منصور، من باع أملاك الرخّجيّ في كور الأهواز، على عظمها، وحمل ثمنها إلى بيت المال، فهي الأملاك المبيعة، التي تعرف إلى اليوم بالرخجيّات.