فأخذ أبو الحسن الرقعة، فأنشد منها الشعر، وأتبع ذلك بوصفها وتقريظها، وتبعه الجماعة، واستحسن الوزير ذلك، فأخذ الرقعة، فقطع بالسكّين سحاة عريضة منها «١» ، فكتب في رأسها شيئا، ودفعه إلى أبي الحسين، فكتب فيها شيئا، ثم أخذها الوزير، فلفّها شديدا حتى صارت كالزرّ، ورمى بها، فإذا هي في حجري، ففتحتها، فإذا فيها: ندى الخادم، عشرة آلاف درهم، وبخط أبي الحسين: فلان الجهبذ خمسة آلاف درهم.
قال: فجئت لأنهض، فأشكره، وأقبّل يده، فأومأ إليّ [١٢٧ ط] بإصبعه، أن اسكت، ووضعها على فيه، فسكتّ، وشربنا إلى أن حضرت المغرب، وقام الوزير ليصلّي، وقمنا.
قال: فاستدعاني، فقال: أخذت المال؟
فقلت: لا.
فقال: إنّا لله، ظننتك أفره من هذا، إذا قال لك السلطان، هات لأعرف لك، فابسط حجرك «٢» ، ولا تنتظر غضارة «٣» ، إن صرفني الخليفة الليلة عن الوزارة، كيف تصل أنت إلى المال؟ إن متّ؟ إن كان كذا؟
فقلت: حاشاك يا سيّدي، لعن الله هذه الدراهم، مع هذا القول، يبقيك الله ألف سنة.
فقال: دع ذا عنك، ثم نادى الخادم، فجاء، فقال: خذ هذه الرقعة، وأحضر المال الساعة، قبل أن أتمّم الصلاة.
قال: فأخذها الخادم ودخل هو في الصلاة، ودخلنا نحن، فو الله،