واحد في أمره، وما إليه، وأخل دار العامة، ولا تستأذن عليّ لأحد، حتى أتشاغل بالصبوح.
ثم دعا الفراشين، فأمرهم بفرش حجرة كان يستطيبها، وقال:
أريد أن تكون في نهاية الضياء، من غير أن يسقط فيها خرم إبرة شمس.
فقام فلم تكن إلّا ساعة، حتى جلس فيها، فأكلنا معه، ونفسي متطلّعة إلى ما جرى.
فلما نهضنا لغسل أيدينا، سألت أبا الحسين عن ذلك، فقال: إنّ الوزير لما رآك، قال: هذا الرجل يخدمنا، ويختصّ بنا، وواجب الحقّ علينا، وهو يعشق مغنّية لعلّ ثمنها شيء يسير، ويتلف كلّ ما يكسبه عليها، ولا نشتريها له؟ أيّ شيء أقبح من هذا؟
قال: فقلت له- وكنت أعرف في أبي الحسين شدّة- فأيّ شيء قلت له يا سيّدي؟
قال: قد قوّيت رأيه.
قلت: لا يقنعني هذا والله، أريد أن تتجرّد، وتصمّم، وتذكّره، ولا تدعه أو يتنجّز لي ثمنها اليوم.
فقال: أفعل.
وقام أبو الحسين لينام، فلم يحملني أنا النوم، وقعدت، فعملت أبياتا في الوزير، أشكره على هذا الرأي، وأتنجّز الوعد، وحرّرتها بأحسن ما قدرت عليه من خطّي.
فلما جلسنا للشرب، وشرب الوزير أقداحا، رميت إلى أبي الحسن ابن هارون بن المنجم، بالرقعة، وكانت له عادة عندي في التعصّب لشعري، والمدح لي عند الوزير، لنفاقه عليه، واختصاصه به، من بين ندمائه.