للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: بلى.

قال: كيف رأيتم ما شاهدتم اليوم؟

قلنا: أحسن منظر.

قال: إنّه لم يذهب [١٣٣ ط] عليّ ما فكّرتم فيه، ولكنّي علمت أنّه لو شكوتهم، كنت بين أمور:

إن لم يقع إنكار، فتنخرق هيبتي، ويبطل جاهي، ويطمع كلّ أحد فيّ، ويجر عليّ ذلك أمورا كبارا.

أو وقع إنكار ضعيف، كان ذلك إغراء لهم.

أو وقع إنكار قويّ، صاروا كلّهم أعدائي، وتنقّصوني، وعاداني بعداوتهم من فوقهم من الخدم، ولهم بالسلطان خلوات ليست لي، فيولّدون عليّ عنده من الحكايات والسعايات، ما يفسد عليّ رأيه في مديدة.

وإنّي علمت أنهم ما قصدوني بهذا لشيء بيني وبينهم، وإنّما هي طاعة منهم، للخادم الذي هو رئيس عليهم، وأنّ ما حمله على ذلك، ما كان طمع في أخذه على قضاء الحاجة التي سألني فيها فرددته.

وعلمت أنّي إذا عوّضته واستصلحته، صلح لي جميع هؤلاء.

فعملت ما رأيت، فانصلح هؤلاء، وجميع الخدم، وأمنت عداوتهم، وعادوا يكذّبون أنفسهم فيما رموني به ذلك اليوم، ويخاطبوني بضدّه، بحضرة أكثر من كانوا خاطبوني ذلك اليوم بالقبيح بحضرته، وصاروا لي خدما، وزاد ذلك في محلي، أن يرى أعدائي، خدم الخليفة، يخدمونني، ويدعون لي، ولم يكن الخليفة، لو بلغ غاية الإنكار عليهم، يأمرهم بهذا من خدمتي.

وما علم الغرباء، لأيّ سبب رضوا عني، وفعلوا بي هذا، ويجوز