للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنزع ثيابه، وعمد إلى «١» بقيّة كانت في الخماسيّة من الزيت [لم تغل] «٢» ، مقدارها نصف رطل، فصبّها في الطنجير، ودعا شاربا «٣» ، فغسل يده غسلا شديدا، وذراعيه، وصدره، ثم أخذ كفّا من الماء البارد، فرشّه على الزيت، فزاد نشيشه.

ثم صعد على الدكّة، وفي يده صنجات، فرمى بها في الطنجير، ثم أدخل يده بسرعة شديدة، وصاح بأعلى صوته: لا إله إلّا الله، وغرف بكفه الصنجات، فأخرجها، ورمى بها بحدّة، وهو يصيح: يا الله [١٤٥ ط] ، يا الله، بأعلى صوته.

ثم تقدّم إلى الزيت، فاغترف بكفّه منه، فغسل به صدره، وذراعيه، وهو يصيح صياحا شديدا، يوهم به من حضر أنّه يريد الدعاء، وكان عندي، أنّه تألّم وتوجّع وتأوّه.

ثم نزل، فأقبل يدعو، ويقول للعامّة: أنا أرجو أن أجيئكم بعد أيّام، بسباع الأجمة، أقودها بآذانها.

فحملناه معنا إلى منزلنا، واغتسل «٤» بماء حار، وتدلّك، وبخّرناه، وأقام عندنا يومه.

فسألناه عن سبب ذلك.

فقال: من أطاع الله، أطاعه كلّ شيء، فأمسكنا عنه.

فلما كان بعد أيّام، جاء جماعة من أهل الأنبار، فقالوا: نحن نغلي الزيت، ونعمل كما عمل، ونغلي القار، ونأخذه من القدر بأيدينا حارا.