للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: إذا رأيت السلطان قد رفع من أهلك رجلا، أو الزمان قد نوّه به ورأسه، فإيّاك أن تحسده، وتشغل نفسك بعداوته، فإنّك تتعب، ولا تصل إلى فائدة، وتسقط أنت، ولا يضرّه هو، وتغتمّ أنت، ولا يتأذّى هو، وتغضّ من نفسك، بغضّك من رجل صار كبيرا من أهلك، فإنّه ما ارتفع إلّا بآلة فيه، يدفعك بها، أو إقبال بدفعك عنه، واجهد أن تخدمه، وتصافيه الودّ، ليكون ذلك الفضل الذي فيه، فضلا لك، وذلك الفخر راجعا إليك، وتتجمّل بثنائه عليك، وإطرائه لك، وتصير أحد أعوانه، فإنّه أحسن بك من أن تكون من أعوان غيره ممّن ليس من أهلك، ويراك الناس عنده وجيها، فيكرمونك له، فإن كان له منزلة من السلطان، جاز أن تصل إليها باستخلافه إيّاك [١٥٠ ط] عليها، وانتقاله إلى ما هو أكبر منها، وكذلك إن كانت منزلته من غير سلطان، فلا تقل أنا أقعد منه في النسب، وأنّي خير قرابته، وهذا أمس كان وضيعا، وكان دوننا، فإنّ الناس بأوقاتهم.

فقلت: نعم يا سيدي.

قال: ثم أقبل عليّ، وونّسني، وولّد لي في نفسه، القيام على تلك الدواب، منزلة.

فقال: اخرج معي إلى العمل.

وخرج، فخرجت معه، وكنت أسايره إلى جسر النهروان وأحادثه، فولّد ذلك الانبساط في نفسي طمعا فيه، وأن أسأله شيئا.

فذكرت بجسر النهروان، أنّ له ضيعة جليلة عظيمة، بنواحي الموصل، يقال لها: النهروان، كنت أشتهيها.

فقلت له: يا سيّدي، قد [١٢١ ب] كثرت مؤونتي، وتضاعفت نفقتي،