للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو وهبت لي النهروان ضيعتك، لأستعين بغلّتها على خدمتك، ما كان ذلك منكرا.

قال: فحين سمع هذا، تغيّظ غيظا شديدا، واندفع يشتمني أقبح شتيمة، وقال: يا كلب، سمت بك نفسك إلى أن تمتلك النهروان؟

وقنّعني بالسوط «١» الذي كان في يده، وهو مفتول كالمقرعة، فوقع السوط على وجهي، فشجّه من أوّله إلى آخره، وأحسست بالنار في وجهي، وورد ذلك على غفلة، فتداخلني له ألم عظيم، وغيظ مما عاملني به أشدّ من الألم.

وقلت في نفسي، ما كان هذا جوابي، وقد كان يقنعه أن يردّني، ولكن نيّته لي فاسدة بعد.

وقصرّت عن مسايرته، ولحقني غلماني، فوقفوا معي ساعة، حتى صلحت قليلا، وسار هو، ففتلت رأس دابتي، وأنفذت من ردّ بغلين كانا لي في السواد، عليهما قماشي وثيابي وغلماني، ورجعت أريد بغداد، وأنا وقيذ «٢» من الألم والغيظ حتى وردت بغداد.

وكان الوزير إذ ذاك عليّ بن عيسى، وهو في غاية العناية بأبي، وهو قلّده العمل، وكان يحبّني، ويكرمني، ويختصّني، ففكرت أن أدخل إليه، أشكو أبي، وأريه الأثر الذي بي.

فقصدت دارنا، فأدخلت البغلين والقماش إلى الدار، ولم أنزل، وتوجهت إلى دار الوزير.

فحين نزلت عن دابتي، وصرت في الصحن، ذكرت وصيّة أبي لي في أمر الأهل، وندمت على دخول دار الوزير، وقلت: لأن أقبل