للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانتبهنا فحملنا إلى الحمّام، وخرجنا فتبخّرنا، وأجلسنا في مجلسنا بالأمس.

وجاء أولئك الجواري، ومعهنّ غيرهنّ، ممّن هنّ [١٦٠ ط] أحسن منهنّ، فقصدت كلّ واحدة، صاحبها بالأمس، بغير احتشام، وشربنا إلى نصف الليل، فحملن معنا إلى الفرش.

فكانت حالنا هذه أسبوعا.

فقلت لأصحابي: ويحكم، أرى الأمر يتّصل، ومن المحال أن يقول لنا الرجل ارتحلوا عنّي، وقد استطبتم أنتم مواضعكم، وانقطعتم عن سفركم، فما آخر هذا؟

فقالوا: ما ترى؟

قلت: أرى أن نفاتش الرجل، فننظر إيش هو؟ فإن كان ممّن يقبل هديّة أو برّا، عملنا على تكرمته وارتحلنا، وإن كان بخلاف ذلك، كنّا معتقدين له المكافأة في وقت ثان، وسألناه أن يحضرنا من نكتري منه، ويبذرقنا «١» ، ورحلنا.

فتقرّر رأينا على هذا.

فلمّا جلسنا تلك العشيّة على [١٣٢ ب] الشرب قلت له: قد طال مقامنا عندك، وما أضاف أحد أحدا أحسن ممّا أضفتنا، ونريد الرحيل إلى مصر لما قصدناه، من «٢» طلب التصرّف، وأنا فلان بن فلان، وهذا فلان، فعرّفت نفسي والجماعة، وقد حمّلتنا من أياديك ومننك، ما لا يسعنا معه أن نجهلك «٣» ، ويجب أن تعرّفنا نفسك، فنبث شكرك، ونقضي حقّك، ونعمل على الرحيل.