للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: أنا فلان بن فلان، أحد أهل دمشق، فلم نعرفه، فقلنا: إن رأيت أن تزيدنا في الشرح.

فقال: جعلت فداكم أنا رجل قوّاد.

فحين قال هذا، خجلنا، ونكّسنا رؤوسنا.

فقال: [جعلت فداكم] «١» ما لكم؟ إنّ لقيادتي خبرا، أظرف ممّا رأيتموه «٢» .

فقلنا: إن رأيت أن تخبرنا.

فقال: نعم، أنا رجل كان آبائي تنّاء تجارا، عظيمي النعمة والأموال، وانتهت النعمة إلى أبي، وكان ممسكا، مكثرا.

ونشأت له، وكنت متخرّقا، مبذّرا، محبّا للفساد، والنساء، والمغنّيات، والشرب، فأتلفت مالا عظيما من مال أبي، إلّا أنّه لم يؤثّر في حاله، لعظمه.

ثم اعتلّ، وأيس من نفسه، وأوصى، فدعاني، وقال:

يا بنيّ، إنّي قد خلّفت «٣» لك نعمة قيمتها مائة ألف دينار وأكثر، بعد أن أتلفت عليّ خمسين ألف دينار، وإنّ الإنفاق، لا آخر له إذا لم يكن بإزائه دخل، ولو أردت تمحيق هذا المال عليك في حياتي، أو الآن، حتى لا تصل إلى شيء منه، لفعلت، ولكنّي «٤» أتركه عليك، فاقض حقّي بحاجة تقضيها لي، لا ضرر عليك فيها.

فقلت: أفعل.

فقال: أنا أعلم أنّك ستتلف جميع هذا المال في مدة يسيرة، فعرّفني