للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما أدلنا الحق من الضلال، وأعاده الله تعالى بنا من العزّ إلى أشرف حال «١» ، عدلت السيوف عن دمائهم إلى أغمادها، واستبدلت إصدارها بإيرادها، ونصلت الرماح أسنّتها، وطاوعت الخيل أعنّتها، واستماحتنا الأعداء إلى الموادعة، ورغبت إلينا بالتضرع في المسألة.

واستفتحوا ذلك بطلب الفداء الذي لا يسعنا الامتناع منه، ولا نجد تأوّلا في الإضراب عنه.

فرأينا بعد الإثخان في الأرض، فكّ من في أيديهم من الموحّدين، ومن في رقّهم من المسلمين [١٩٧ ط] ، أفضل كاسب لعاجل الشكر، وأوفى ضامن لآجل الأجر.

فأنفذنا إلى سائر الأقطار، وبثثنا الأصحاب في جميع الأمصار، لإحصاء السبي وانتزاعه، والتوفّر على جمعه وابتياعه، من خالص ملكنا، وخاصّ مالنا، من غير مسامحة لأحد من أهل زماننا في معاونتنا، بغير الثياب التي شركناهم بها في نيل الحمد وكسب المثوبة.

وأضفناهم إلى من ملكناه بحكم الرماح، وأحرزناه بقهر الخيل والصفاح، من أكابر البطارقة، وأنجاب الزراورة، ووجوه الأعلاج، وأنجاد الأنجاس «٢» .

ولم يزل من سلف قبلنا من الملوك، وتقدّمنا من السلاطين، في عقد الهدن، وإقامة الأفدية، يرغب إلى سائر نظرائه، وذوي السعة من أتباعه، والمكنة من رعيته، في معاونته بالأحوال، ومعاضدته ببذل الأموال.

وأبى الله لنا إلّا التفرّد بأجر ذلك وشكره، وحميد أثره، وجميل ذكره.