وكنت محدّثا نفسي بالرجوع إليها، وطلبتها لتقيدني «١» ، خوفا من أن لا تكون توبتي قد صحّت، وما زلت أدعو الله تعالى أن يقبل توبتي، ويمكّنها مني، إلى أن أجيبت دعوتي [١٨٩ ب] ، وقبل الله توبتي، لمّا جمعني وإيّاها، ومكّنها من قودي، فدعوها تقتلني، وأستودعكم الله تعالى.
قال: فارتفعت الصيحة والبكاء.
وقال له هذا: يا عبد الله ادع لي.
وقال له هذا: ادع لي.
وأقبلت المرأة بين يديه، وهو مارّ إلى والي البلد، وهو يمشي على تأنّ ورفق، ليخرج من الجامع إلى دار الأمير، فيقتله بابنها.
فقال الشيوخ: يا قوم لم ضللتم عن مداواة هذه المحنة؟ وحراسة بلدكم بهذا العبد الصالح؟ فارفقوا بالمرأة، وسلوها قبول الدية، ونجعلها من أموالنا.
فأطافوا بها، وسألوها، فقالت: لا أفعل.
قالوا: خذي ديتين.
فقالت: شعرة من ابني بألف دية.
فما زالوا حتى بلغوا عشر ديات.
فقالت: اجمعوا المال، فإذا رأيته، إن طاب قلبي بقبوله، والعفو عن الدم، فعلت، وإلّا قتلت القاتل.
فقالوا: نعم.
فقال الرجل: قومي عافاك الله، وردّيني إلى موضعي من الجامع.